أداب الأخوة والصحبة ..أبي سعيد الجزائري

إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا,و سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله, و أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة
في النار,وبعد:

أيها الناس, اعلموا رحمكم الله تعالى, أن الله أمر المؤمنين بالتآخي
والموالاة بينهم, وأوجب عليهم المحبة والتعاون على البر والتقوى بينهم,
قال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن
المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن
الله عزيز حكيم ([التوبة :71 ],
وقال تعالى : واصبر نفسك
مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عيناك عنهم تريد
زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ([الكهف: 28 ] ,
وقال تعالى: )الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين
يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون
الذين ءامنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون([الزخرف 67-70 ]

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
« ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه
مما سواهما, وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ
أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار » متفق عليه

أيهاالمسلمون, إن للمحبة في الله أجرا عظيما وإن للتآخي في الله
ثوابا كبيرا في الدنيا والآخرة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم
أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي » رواه مسلم

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله ضلى الله عليه وسلم قال»: إن
المتحابين بالله في ظل العرش « رواه
الطبراني وهو صحيح كما في صحيح الجامع (1937)

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي ضلى الله عليه وسلم قال:
قال الله تعالى :« حُقت محبتي للمتحابين في , وحقت
محبتي للمتواصلين في, وحقت محبتي للمتباذلين في, وحقت محبتي للمتزاورين في ,
المتحابون في على منابر من نور يغبطهم
بمكانهم النبيون و الصديقون والشهداء ». رواه
أحمد والطبراني والحاكم وهو حديث صحيح كما في صحيح الجامع (4321) .

ومعنى يغبطهم هنا : يستحسن أحوالهم ويسرون بها, وليس معناها يتمنون
مكانهم لأن من معاني الغبطة حسن الحال والمسرة .

أيها المسلمون, لماذا يحرص المسلم على الصحبة والأخوة ؟ إنه يحرص
عليها لما فيها من فوائد دينية ودنيوية :

فالدنيوية مثل الانتفاع بالأنس
والمجاورة وإزالة الوحشة.

وأما الدينية :
1- الحصول على محبة الله.
2- الاستعانة بهم على الطاعات والبعد عن المعاصي و السيئات .
3- التبرك بدعائهم .
4- شفاعتهم يوم القيامة .
5-الاستفادة من العلم النافع منهم.
فاتقوا الله أيها المسلمون ,واحرصوا على الأخوة بينكم,واجعلوها لله
تعالى تفوزوا وتغنموا .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله الذي جعل التمسك بالآداب الشرعية عنوان التوفيق, وهدى
المؤمنين لأقوم طريق,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مبنية على
الإخلاص والمحبة والتحقيق,وأشهد أن محمدا عبده ورسوله,أخرج الله به المؤمنين من ا
لظلمات والضيق,صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضائل والتوفيق.

أما بعد: أيها الناس, اتقوا الله تعالى, واسلكوا سبل الآداب الشرعية
لتحظوا من ربكم بجزيل الثواب.

أيها المسلمون, إذا كان الإنسان لابد له من أن يعيش في مجتمع, ولابد
من أن يكون له من يتعامل معهم ويجتمع بهم , فعليه أن يعرف شروط الأصحاب, وخصال
الإخوة والأحباب, فشروط الصاحب خمسة:

أمثلة لحسن الخلق مع الأصحاب:


1- ستر العيوب, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» رواه البخاري, ومسلم
.

2- النصيحة وإرادة الخيرله, قال بعض العلماء: المؤمن يستر وينصح ,
والمنافق ينشر ويفضح.


3- الصفح عن العثرات وقبول العذر لأنهم ليسوا معصومين قال تعالى فاصفح
الصفح الجميل)[الحجر :85 ] , قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: واعلم أنك إن طلبت
منزها عن كل عيب لم تجده ومن غلبت محاسنه على مساويه فهو الغاية. وقال ابن الأعرابي
رحمه الله تعالى: تناس مساوىء الإخوان يدم لك ودهم


4- حسن الظن بإخوانك واجتناب سوء الظن لأنه يدعو إلى التجسس ثم
الغيبة.


5- ترك الحسد لما يرى على إخوانه من النعم , بل اسأل الله من فضله,
وأظهر البشر و السرور لوجودها عندهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا
تحاسدوا» رواه أحمد , وغيره.


6- زيارتهم والتعاون معهم على البر والتقوى, ومساعدتهم على قضاء
حوائجهم, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من زار
مريضا , أو زار أخا له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة
منزلا » رواه الترمنذي ، وابن ماجه ، وهو حديث حسن .


7- ترك كل ما يؤدي إلى ذهاب المحبة كالغضب والجدال , وخلف الوعد, أو
غيبتهم, أوسماع كلام نمام فيهم, أو نشر أسرارهم وعدم حفظها, والقيام بالدفاع عنهم
بالحق , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من رد عن عرض أخيه,رد الله عن
وجهه النار يوم القيامة» رواه أحمد,وغيره.وهو حديث صحيح .

*- ترك هجر المسلم لأخيه. فقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:«لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث, فمن هجر أخاه فوق ثلاث فمات
دخل النار» رواه أبو داود , وهو حديث صحيح.

9- الوفاء لهم و الثبات على حبهم إلى الممات, وبعد الموت مع أولادهم
وأصدقائهم.


10- الدعاء لهم بظهر الغيب :« دعوة
المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة, عند رأسه ملك موكل,كلما دعا لأخيه بخير قال
الملك الموكل به :آمين , ولك بمثل» رواه
مسلم 2733 .


فاتقوا الله يا عباد الله , وقوموا بحقوق الله , وحقوق عباده ,
واستعينوا بالله على ذلك ,واسلكوا طريق العلم في ذلك , تكونوا من الفائزين
المفلحين.

اللهم اغفر للمسلمين و المسلمات, اللهم
رد المسلمين إلى دينك ردا جميلا, اللهم أعز
الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين و دمر أعداءك أعداء الدين, وانصر
إخواننا المجاهدين بحق في كل مكان, اللهم اجعل هذا البلد آمنا
مطمئنا وسائر بلاد المسلمين, إنك سميع مجيب. وقوموا إلى صلاتكم
يرحمكم الله