لماذايزهد طلاب العلم في بعضهم بعضا؟!! وكيف نعصم أنفسنا من بعض الأمراض التي أضرت بالدعوة السلفية.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
قال عبد الله بن المبارك:
حبُّ الرِّياسة داءٌ لا دواء له***وقلَّما تجد الرّاضين بالقِسَمِ
***أولا: وجوب احترام طلاب العلم السلفيين.
إن من المقرر عند أهل السنة احترام طلاب العلم، والتأدب معهم، وإكرامهم، ونصرتهم على الحق، والدفاع عن جنابهم إذا انتهك بالباطل، وإنزالهم منزلتهم من غير إفراط ولا تفريط، وعدم هضم حقوقهم، ولا تحقيرهم، أو الاستهانة بهم.....
فإن تكريمهم واحترامهم بسبب ما يطلبونه من الخير والهدى، وبسبب نفعهم للخلق بالعلم الذي أخذوه عن العلماء.
والأدلة على ذلك كثيرة أذكر منها ما تيسر:
قال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم)) الحديث..
وقال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
والخيرية لطالب العلم تكون بقدر فقهه في الدين، وفهمه لأصوله المتينة.
وعن صفوان بن عسال المرادي -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: أتيت النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وهو في المسجد متكئ على برد له أحمر، فقلت له: يا رسول الله إني جئت أطلب العلم، فقال: ((مرحباً بطالب العلم، إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب).
فتأملوا يا أبناء الجزائر بإنصاف في الترحيب المصطفى عليه الصلاة والسلام بطلاب العلم، وثنائه عليهم، وبيان فضلهم، والترغيب في سلوك طريقهم، ثم بعد ذلك قارنه بصنيع بعض الناس الذين همهم الوحيد الطعن في طلاب العلم، وتحقيرهم والاستهانة بهم بحجج هي أوهوى من بيت العنكبوت.
وطلاب العلم هم وصية النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- التي وصى بها، فمن حقَّرهم وطعن فيهم فقد طعن في الوصية، وخالف ما جاء فيها من الحق المبين.
وعن أبي سعيد الخدري -رضيَ اللهُ عنهُ- أنه قال: مرحباً بوصية رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، كان رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يوصينا بكم؛ يعني طلبة الحديث انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (برقم280)
وقال أبو عمر بن عبد البر -رحمهُ اللهُ- في جامع بيان العلم وفضله(1/232) وإن كان الأثر فيه مقال: وروينا عن عبد الله بن مسعود من طرق أنه كان يقول إذا رأى الشباب يطلبون العلم: مرحباً بينابيع الحكمة، ومصابيح الظُّلَم، خلقان الثياب، جدد القلوب، حلس البيوت، ريحان كل قبيلة ".
وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي -رحمهُ اللهُ- يقولمن حفظ القرآن عظمت حرمته، ومن طلب الفقه نَبُل قدره، ومن عرف الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رَقَّ طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم" رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله(1/513) بإسناد صحيح، وأخرجه البيهقي في مناقب الشافعي(1/282) من طريق آخر عن الربيع بزيادة(...ومن نظر في الحساب جزل رأيه).
فالواجب احترام طلبة العلم الذين صانوا أنفسهم من الوقوع في شباك الحزبية وحفظوا أنفسهم من التدليس والطعن في إخوانهم بالباطل، ويجب إنزالهم منازلهم، وعدم تحقيرهم، ولا الغلو فيهم ورفعهم فوق منزلتهم التي يستحقونها.
***ثانيا حذاري من حسد الأقران أن يتخذ ذريعة للطعن في طلاب العلم.
إن الحسد مركوز في بعض طباع البشر، وقد قيل للحسن البصري: أيحسد المؤمن؟ قال: ما أنساك لإخوة يوسف.
وتحقيقه كما قال ابن تيمية في المجموع ج10ص111: (والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود...).
وقال ابن رجب رحمه الله في شرحه لحديث الخامس والثلاثين من كتابه جامع العلوم والحكم (لا تحاسدوا...): (وهو أن الإنسان يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل).
ثم الناس في الحسد على أقسام:
1_منهم من يسعى في زوال نعمة المحسود بالبغي عليه بالقول والفعل، كما يصنعه أهل البدع والأهواء والحزبيون مع السلفيين.
2ومنهم من يسعى في نقل ذلك-النعمة- إلى نفسه، وهكذا.
والحسد هو ذنب إبليس عندما حسد آدم لما رآه قد فاق على الملائكة بأن الله خلقه بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، وأسكنه في جواره، فما زال يسعى في إخراجه من الجنة حتى أخرجه منها.
وهو خلق اليهود كما وصفهم به خالقهم تبارك وتعالى: ((ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق)).، وقال تعالى Sad

أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)).
قال ابن تيمية رحمه الله في الإقتضاء(1/71-72): (وقد يبتلى بعض المنتسبين إلى العلم وغيرهم بنوع من الحسد لمن هداه الله بعلم نافع أو عمل صالح، وهو خلق مذموم مطلقا، وهو في هذا الموضع من أخلاق المغضوب عليهم).
جاء في مناقب الشافعي للبيهقي(2/259)؛ قال أبو غالب علي بن أحمد الأزدي: قال رجل للإمام أحمد: (يا أبا عبد الله: فإن يحي بن معين وأبا عبيد لا يرضيان-يعني الشافعي- يعني في نسبتهما إلى التشيع، فقال أحمد: ما أدري ما يقولان؟ والله ما رأينا منه إلا خيرا ولا سمعنا إلا خيرا، ثم قال أحمد لمن حوله: اعلموا رحمكم الله أن الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئا من العلم وحرمه قرناؤه وأشكاله حسدوه فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم).
يتبع........

» الأعمال التي تثقل ميزان المؤمن يوم القيامة والأعمال التي تخفف الميزان
» وسطية الدعوة السلفية وفروقها الجلية بين الغلاة الحدادية والمميعة الإخوانية
» سلسلة طالــب العلـــم ..( أجزاء )
» أداب طالب العلم
» سلسلة طالب العلم ..(الجزء 2)